مع نهاية كل عام تبدأ النقاشات داخل مجتمع الألعاب حول أفضل ألعاب
الفيديو وذلك بالتزامن مع توزيع الجوائز المرموقة عالمياً في هذا المجال،
ونفس الأمر نراه حين تعلن بعض المواقع الإلكترونية عن قوائم الأفضل للعام.
ومع الإعلان عن قائمة ترشيحات الألعاب في حفل جوائز The Game Awards للعام 2017 بدأ البعض يُشكك في أحقية هذه اللعبة أو التذمر من عدم وجود لعبة معينة ضمن الترشيحات.
لذلك أحببت أن أشارككم بعض الأفكار حول جوائز ألعاب الفيديو واختيارات الألعاب التي تنشرها المواقع كل عام:
الجوائز العالمية تتمتع بثقة ومصداقية راسخة
سواءً أعجبتك الترشيحات، وكذلك الألعاب الفائزة عند الإعلان عنها الشهر
المقبل، أو لم تعجبك فهذا لن يغير من الثقة والمصداقية التي تتمتع بها
الجوائز العالمية للألعاب وأبرزها The Game Awards.
من الغباء بمكان أن نقوم بالتشكيك في نزاهة أو مهنية الجهات المنظمة
لجوائز ألعاب الفيديو لأن لعبتنا المفضلة تم استبعادها، فهذا لا يشير إلا
لتعصب مطلق وغير محدود لا فائدة منه.
وللعلم، فإن ترشيحات الألعاب في The Game Awards يتم اختيارها بالاعتماد
على لجنة تحكيم دولية مكونة من 51 جهة إعلامية ومؤثرة في مجال الألعاب
وجميعها لديها باع طويل في تقييم ومراجعة ألعاب الفيديو بوجهة نظر نقدية
محايدة.
الاختيارات تكون من وجهة نظر نقدية
لأن ترشيحات الألعاب في أغلب الجوائز تكون من النقاد والمؤثرين في مجال
ألعاب الفيديو، فمن الطبيعي للغاية أن يتم استبعاد بعض الألعاب المميزة بما
في ذلك التي تتمتع بشعبية لدى اللاعبين.
في النهاية الناقد (الجهة المشاركة في التصويت) ستختار عدة ألعاب فقط
ومن الطبيعي أن يتم استبعاد باقي الألعاب وفي النهاية يتم حصد رأي
الأغلبية.
لذلك من المنطقي جداً رؤية لعبة مثل Super Mario Odyssey ضمن ترشيحات
أفضل الألعاب نظراً لما حققته من إشادة بالغة من النقاد، ونفس الأمر ينطبق
على لعبة Zelda: Breath of the Wild التي أثارت إعجاب النقاد.
وبالتالي لا يجب أن تكون هذه الجوائز هي العامل الذي يتحكم باختياراتنا
للألعاب المفضلة التي نقوم بشرائها وفقاً لذوقنا الشخصي ونوعية الألعاب
التي نحبها بعيداً عن الدخول في التفاصيل التي يراعيها النقاد.
الجائزة ليست لتلبية الأذواق
جوائز الألعاب عموماً لا تأتي لتلبية أذواق اللاعبين أو لتقول إن هذه اللعبة هي الأفضل وعلى الجميع أن يقبل ذلك.
المسألة هي مجرد إجماع نقدي على لعبة معينة لما تُقدمه من عناصر فريدة
أو ابتكار أو رؤية جديدة وغيرها، فاللعبة الأفضل ليست اللعبة التي ترضي
كافة الأذواق أو الشريحة الأكبر من اللاعبين.
فمثلاً يُمكن أن يُجمع النقاد على لعبة معينة بأنها الأفضل خلال هذا
العام، لكن في نفس الوقت لا يشعر الكثير من اللاعبين أنها ممتعة أو تستحق
هذا الإجماع.
كذلك فإن الاختيار النقدي يكون وفقاً للتجارب السابقة، بمعنى أن لعبة
مثل Assassin’s Creed Origins قد تكون مبهرة لشخص لم يجرب أي من أجزاء
السلسلة في السابق، بينما الناقد يجب أن يراعي هذه المسألة ويطرح تصوره
بناءً على تطور السلسلة.
الألعاب مثل الأفلام السينمائية
حالة التعصب التي قد نراها في الألعاب مشابهة نوعاً ما لما يحدث في الأفلام السينمائية، التي غالباً ما تنقسم الآراء بشأنها.
فمثلاً هذا العام، فاز فيلم ضوء القمر Moonlight بجائزة الأوسكار لأفضل
فيلم في عام 2016، ولم تكن الجائزة مفاجئة إذا ما نظرنا لحجم الإشادة
النقدية التي حصل عليها الفيلم فور طرحه.
الجمهور على الناحية الأخرى قد لا يرى بأن هذا الفيلم هو الأفضل، وربما
أثارت إعجابه أفلام غير مرشحة أصلاً للجائزة مثل فيلم Deadpool أو فيلم
Captain America: Civil War.
ما أود قوله هو أن فوز لعبة معينة بجائزة لا يعني أن اللعبة الأخرى سيئة
أو لا تستحق أو لا تحظى بإقبال من اللاعبين، كما أن تفضيلات الألعاب تختلف
من شخص لآخر وفقاً لذوقه تماماً كما هو الحال في الأفلام، فربما تصادف شخص
ما من محبي أفلام الأكشن يرى بأن جيسون ستاثام هو أفضل ممثل بالتاريخ بل
إنه أفضل من آل باتشينو الذي يراه الكثيرون أسطورة السينما الأمريكية،
صدقني هذا يحدث.
من حق الجميع التعبير عن رأيه
هل حصول لعبة معينة على جائزة أثار استيائك؟ حسناً، لا أحد يمنعك من التعبير عن رأيك بكل سهولة.
يُمكنك أن تكتب في إحدى حساباتك على الشبكات الاجتماعية أن لعبة “إكس”
هي الأجدر والأفضل برأي وانتهت المسألة دون الدخول في تعصب أو تفاصيل، بل
يُمكنك أن تقول بأنها أفضل لعبة في التاريخ لن يمنعك أحد من ذلك.
لا داعي لأن تهاجم أو تنتقد اللعبة الفائزة لإثبات وجهة نظرك، فقط عبر
عنها بوضوح ودون تعصب مع احترام الآراء الأخرى التي منحت الأفضلية لتلك
اللعبة.
الاحترام هو أساس مجتمع الألعاب
في النهاية فإن صناعة ألعاب الفيديو هي إحدى الركائز الأساسية لصناعة
الترفيه في العالم، وبناء مجتمع ألعاب قوي يتطلب احترام الجميع دون أي
تعصب.
فلا يُمكن خلق مجتمع ألعاب رائع يبحث عن الترفيه في المقام الأول، دون
احترام جهود الشركات والمطورين والاستوديوهات المبدعة التي تنتج لنا هذه
الألعاب، وكذلك دون احترام جميع الآراء سواءً آراء النقاد أو آراء اللاعبين
وكل من له تأثير على هذه الصناعة.
ليس من المعقول أن نتعصب ضد رأي معين أو أن نهاجم لعبة أو نمتدح أخرى
بصورة مبالغة لمجرد إعجابنا أو عدم إعجابنا بها، بل إن احترامك للرأي
المخالف قبل المؤيد هو الأساس الذي يُمكن أن تتطور به هذه الصناعة.
في الختام، دعونا جميعاً نستمتع بالألعاب التي نحبها ونفضلها
بهدوء ودون تعصب ضد الألعاب الأخرى التي لها محبيها أيضاً والذين يرغبون
بالاستمتاع بألعابهم المفضلة دون تشويش.